لعنات الأرض والسماء عليهم يا عدن
يمنات
أحمد سيف حاشد
لم يكن يدور في خلد أو خيال أي منّا، حتى في نوبات الجنون أو السقوط السحيق، إننا سنرى ما نراه اليوم من انهيار وجودي وقيمي وتاريخي..
حال لم نكن نتخيل أننا سنراه حتى في زحام الجواثيم، ونحن نغط في النوم العميق..
ما يحدث اليوم ما كان يخطر على بال، وما كنا نراه حتى تحت وطأة أشد الكوابيس ثقلا وإزعاجا ورعبا.. حال لم نكن نتخيله حتى حال افتراضنا أن عدن تم احتلالها مرة أخرى من قبل أسوأ أنظمة الاحتلال في العالم تخلفا ورجعية وهمجية..
ولكنه بات محكيا كل يوم نهارا جهارا بالصوت والصورة والواقع المقذع، بل والوقح أيضا..
المتحف الحربي في “كريتر” عدن وبرمزيته الكبيرة والمجيدة والتاريخية بات يدمي العيون!! ماذا تصنع أيها التاريخ؟!! خراب وإهمال ومحلات لبيع الدجاج في المتحف الحربي، وتأجيره دكاكين.. وجه عدن الحضري والمدني والعصري يصير بهذا الحد من الاهتراء والخراب ومستولى عليه أيضا!! إنها جائحة أخرى.. إنها صادمة وفادحة دون شك.. هزلت ورب الأكوان..
إنها تشبه ما قاله ذلك الرجعي الحاقد في ذرة زهوه وانتشائه على الهواء: ماذا تصنع أيها التاريخ؟!! كان السؤال وهو يرى على الهواء أعلام المملكة والإمارات ترفرف عالية، وصورة الملك سلمان وبن سلمان، وبن زايد تعتلي في ساحة العروض بـ”خور مكسر”.. كان يزم شفتيه ويعجب ويتعجب بما تصنعه الأقدار.. يسأل بسخرية عن سالمين وفتاح وعنتر وجورج حبش.. يدعوهم ليرون ما يراه..
إنهم اليوم يستبيحوننا بازدراء، ويهينون تاريخنا ووجودنا وكرامتنا، يغتصبون حرياتنا، ويسحقون مشاعرنا، بل ومشاعر الحجارة التي لازالت بعض من ذلك المتحف والتاريخ المجيد الذي أهدرته تلك النخب الوضيعة التي باتت عالة عليه وعلى مؤخرته..
بات تاريخنا المجيد مستبا ومغتصبا ومهانا من قبل من لا تاريخ ولا حضارة له..
ماذا لو بعث الله شهداء حرب التحرير للوجود مرة ثانية؛ ليرون ماذا فعل الخلف، وكيف عاث ولاث؟! وإلى أين وصلنا، و وصل الحال بعدن، قلعة التحرر الوطني، والصمود في وجه الرجعية والإمبريالية، في عهد غير بعيد.. عدن وغيرها من بلاد اليمن المنكوبة بطبقة سياسية كانت الأكثر رداءة في التاريخ كله، أوله و وسيطه وحديثة..
لو بعث الله شهداء حرب التحرير لصبّوا على رؤوس من فعل أو تسبب به؛ لعنات الأرض والسماء..
ومن الأهمية أن أشير هنا إلى أن صنعاء ليست بأحسن حالا من عدن.. ما يحدث في صنعاء أيضا مهول ووخيم.. ردة حضارية بكل المقاييس..
كم كان بصير اليمن ونبيه عبدالله البردوني وهو يقول:
“يا سبتمبر قل لأكتوبر .. كل منا أمسى في قبر”
أختم هذا الحزن العميق بما علّق به صالح الحنشي على هذه الصورة بقوله:
“ضمن الاستعدادات في عدن لتنفيذ اتفاقيه الرياض.. المتحف الحربي .محلات لبيع الدجاج..”
اللعنة..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.